الحكمة من اعطاء الواصيه
+) لماذا أعطى الله وصية لآدم وهو يعلم انه سيخالفها ، ثم بعد ذلك يعاقبه على مخالفتها ؟
للإجابة ينبغى أولا توضيح هل كانت هناك ضرورة لإعطاء الوصية ؟ وثانيا مامدى العلاقة بين علم الله ومخالفة آدم للوصية ؟
+) مدى ضرورة الوصية :
إن كان الله قد أعطى وصية لآدم عندما خلقه فلا بد أنها كانت ضرورية له ، وتظهر ضرورة الوصية فى أنها :
1 ) مرشدة للإنسان فى غربته : -
لقد صنع الله هذا العالم وكل مخلوقاته ووضع له قوانينه التى بها يستمر ويبقى وهو يعلم ما ستستقر عليه أفلاكه وبحاره وأنهاره ويابسه من جبال ووديان وسهول وظواهر طبيعية تحكم طقسه . ثم صنع الله الإنسان ليكون منه الجنس البشرى ، ووضعه فى هذا الكون ليعمره ويستخدمه وينمو ويتكاثر وتتنوع له سبل الحياة . كما سمح أيضا بوجود المضل المقاوم لأعماله ، الذى هو ابليس ، ووضع الإنسان فى هذا الكون الفسيح اللانهائى وهو لا يعلم شيئا عنه ولا عن نفسه ولا عن مجتمعه الذى سيمتد عبر الزمن ولا عن المضل . فكأن الإنسان جاء غريبا إلى هذا العالم وكان من المحتم أن خالقه الذى أوجده يزوده بالمعرفة الكافية والقدرات اللازمة لاستخدام هذا العالم ويحصنه بالوصية والشريعة التى تحكم سلوكه وترشده فى حياة غربته وتحفظه من المضل . وأصبحت الوصية المقدمة من الله للإنسان ضرورية كواجب أبوة من الله لتوجيه الإنسان وإرشاده فى غربته .
والغريب دائما يحتاج إلى ما يرشده فى سيره فى أرض غربته ، الأمر الذى صلى داود من اجله إلى الله قائلا " غريب أنا فى الأرض فلا تخف عنى وصاياك " ( مز 119 : 19 ) وهكذا كانت الوصية ضرورية لتنير السبيل أمام الإنسان كما قال داود النبى " سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى " ( مز 119 : 105 ) وكما قال عنها سليمان الحكيم " إذا ذهبت تهديك لأن الوصية مصباح والشريعة نور " ( أم 6 : 22، 23 ) لا لكى تنير له سبيل حياته الأرضية فحسب ، بل لتنير أمامه الطريق المؤدى إلى الملكوت حتى لا يغيب عنه ، وكل من يستنير بالوصية أى يفهمها ويطيعها فانه يحقق لنفسه غايتها وهدفها ....