حتى بعد تحريف الكتاب المقدس نستطيع إقامة الحجة على القوم بما في أيديهم من أسفار
آخر حوار مع خبير مقارنة الأديان اللواء أحمد عبد الوهاب
حاورته/ د. ليلى بيومي
بعد مرور 2000 سنة لم يتفق النصارى على كتابهم المقدس.
الكنيسة أحرقت وليام تندر لأنه قدم أول ترجمة للكتاب المقدس يفهمها الشعب الإنجليزي.
الإسلام قام على تحرير العقل وقامت الكنيسة على قمعه.
بينما اهتم الإسلام كثيرا باليتيم لم يذكره الإنجيل وذكرته التوراة مرة واحدة.
وثائق الفاتيكان تؤكد أن الحوار مع المسلمين هدفه إدخال المفاهيم المسيحية إليهم بمصطلحات جديدة.
النصارى يصلون ليأتي ملكوت السماوات وقد جاء وهو سيدنا محمد.
كل نبوءات الكتاب المقدس باطلة بينما خلت الإشارات العلمية في القرآن من أي اضطراب.
كاتب فرنسي يؤكد أن الإسلام به 70 محرما واليهودية بها 365 محرما .
تعريف : اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب بالإضافة إلى نبوغه كمهندس في الجيش المصري مما رشحه ليكون خبيراً لدى الأمم المتحدة إلا أنه من القلائل البارزين في مصر والعالم العربي بل والعالم الإسلامي في مجال مقارنة الأديان، وقد بدأ اهتمامه بهذا الموضوع الدقيق منذ أكثر من أربعين عاما أضاف فيها للمكتبة الإسلامية كتبا يعتبرها الباحثون في هذا التخصص من المراجع الأساسية. وأهم ما تتميز به مؤلفاته هو استيعابها الكامل لأحدث الدراسات الغربية عن الكتب المقدسة.. ولعل ما ساعد ضيفنا على ذلك هو تمكنه من اللغات الإنجليزية والفرنسية والأسبانية وكتب بهذه اللغات عدة كتب ودراسات. واللواء مهندس أحمد عبد الوهاب كان مشاركاً أساسياً في معظم اللقاءات والمؤتمرات الدولية التي تناقش العلاقة والحوار بين الأديان، وقد فقدته الأمة مؤخراً، ولكن شاء الله أن يكون لنا معه هذا الحوار النادر.
ما هي موضوعات علم مقارنة الأديان؟ وما هي أدوات الباحث فيه؟ وكيف نضمن حياد هذا الباحث وعدم تأثره بعقيدته؟
هذا العلم قديم جدا وفي القرآن أساسيات له ، وقد اشتغل بهذا العلم علماء كثيرون ،ولهذا العلم أدواته وهي أن تحيط علما بالموضوعين أو الموضوعات التي سوف تجري هذه المقارنة بينها ، سواء كانت أديان أو فلسفات أو أفكار دينية ،على أن يكون تلقي المعلومات من مصادرها الأصلية وليس نقلا عن آخرين لأن هناك من نقلوا أشياء وضللوا فيها تحت مسمى الاستشراق والعلم وكانوا يكذبون في نقل النصوص ويحرفونها. وهكذا فلا بد من قراءة النص الأساسي ثم نخضعه للنقاش وللتمحيص العلمي ثم نصنف هذه النصوص ونقيم بينها وبين النصوص الدينية الأخرى موازنات بناء على القواعد العلمية والمنطقية ، ولكي تكون هناك مقارنة فيجب أن تكون بين موضوعات متماثلة. يعني مثلا نقول موضوع الإله ثم نقارن بين اليهودية والمسيحية والإسلام في هذا الموضوع.. فلا يصح مثلا أن ندخل البوذية في هذه المقارنة حيث أنها ليس فيها موضوع الإله لأن البوذية عبارة عن فلسفة وليست ديناً ، وبوذا حينما سألوه عن الإله قال دعونا نحل مشاكلنا على الأرض لأن الآلام والشرور على الأرض وليس عندنا وقت لنتحدث عن السماء ، والغريب أن الأمور تطورت بعد ذلك حتى عبد الناس بوذا وصنعوا له التماثيل . وفي العصر الحديث أصبحت أدوات علم مقارنة الأديان غنية جدا حيث تحرر إلى حد كبير أغلب القادة والباحثين العلميين في الغرب في نقد ما ليدهم من تراث ديني وأخرجوا لنا كثيرا من الأمور التي كانت مكتومة. ومن آن لآخر تظهر تراجم حديثة لما يسمى بالكتاب المقدس وهو عبارة عن العهد القديم [التوراة] والعهد الجديد [الإنجيل]. واليهود يؤمنون بالعهد القديم فقط ولا يعترفون بالمسيح ولا أسفاره. والخطوط الرئيسية إلى الآن أن المسيحيين منقسمون بالنسبة إلى أسفار العهد القديم فالكاثوليك يعتبرونهم 46 سفراً والبروتستانت يجعلونهم 39 سفرا وينكرون سبعة أسعار، وهكذا فبعد مرور ما يقرب من 2000 سنة بعد المسيح لم يتفق المسيحيون إلى الآن على كتابهم المقدس.
طالما أن علماء الغرب بدءوا ينتقدون تراثهم الديني ويناقشونه بمفهوم علمي.. فهل يفعلون ذلك سعيا وراء الحقيقة ؟ وهل ينصفون الإسلام حينما يتعاملون معه بمعايير علمية حيادية؟
النقطة الأساسية الهامة هي أن العلماء في الغرب بدءوا يتحررون من سلطان الخوف الذي فرضته عليهم الكنيسة عبر القرون ، لقد فرضت الكنسية عليهم إرهابا فكريا والتاريخ شاهد على ذلك وسجل ما فعلته الكنيسة مع علماء الكونيات ومع علماء الفكر.
ويكفي أن نقرأ في مقدمة الطبعة الجديدة للكتاب المقدس بالإنجليزية والتي اشترك فيها 32 عالما وأسموها الترجمة القياسية المراجعة قالوا أن أول ترجمة للكتاب المقدس يفهمها الشعب الإنجليزي قام بها وليام تندر ونتيجة لذلك أحرقته الكنيسة على الخازوق وقالت أنه دمر قداسة الكتاب.. إنهم فعلوا ذلك لأنهم اعتقدوا أن الكنيسة فقط هي صاحبة الحق في فهم الكتاب المقدس وفي تفهيمه للناس، لكن أي إنسان آخر لا يمكن أن يسمح له بأعمال عقله في هذا الموضوع. ولنا أن نقارن بين موقف الإسلام من هذه القضية وموقف الكنيسة، إن الإسلام قام على تحرير الفكر أما الكنيسة فقامت على قمع الفكر. ويكفي أن القرآن سمح بمناقشة أية قضية بشرط تقديم البرهان حتى في أعقد قضية وهي قضية الإلوهية فقال {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [117] سورة المؤمنون , وقال أيضا { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [111] سورة البقرة .
وعلماء الغرب أنصفوا الإسلام بقدر ، فالذي يقرأ كتب موريس بوكاي الطبيب الفرنسي الذي يعمل في حقل مقارنة الأديان مستخدما الجوانب العلمية الحديثة في نقده ، يعرف إلى أي مدى أظهر عورات كبيرة في التوراة والإنجيل ومخالفتهما الصريحة للعلم الحديث وأثبت التواؤم والاتفاق بين القرآن والعلم.
لقد خاطب فولتير رجال الدين في فرنسا قائلاً أيها الأغبياء أخطأ الذين أفهموكم أن دين محمد دين شهوات ، من قال هذا؟ إنه دين يفرض على أتباعه أن يصوموا في الصيف القاسي 18 ساعة متصلة ، ويفرض على من كان عنده أكثر من عشرين امرأة أن يبقى منهم على أربعة فقط ، إنه دين يفرض على أتباعه أن يدفعوا جزءا من مالهم للزكاة.. الخ. لقد لفت نظري في المؤتمر الإسلامي المسيحي الذي عقد في أسبانيا عام 1975 وكان موضوعه تكريم النبي محمد نبي المسلمين ، فالمسيحيون قالوا نريد تكريم إخواننا المسلمين لأن الإسلام قريب منا وفيه مجموعة من القيم الرائعة ، فكيف نكرم المسلمين ولا نكرم نبي الإسلام؟
وكانت الكلمة الافتتاحية في المؤتمر للمطران ترانكون كاردينال أسبانيا وقال فيها إن النبي محمد كان اهتمامه الدائم توحيد الله ثم إقامة العدالة الاجتماعية وهذه هي أساسيات دينه التي كرس نفسه لها ، وكان اهتمامه كثيرا باليتيم. ولفت نظري تركيز هذا المطران على حكاية اليتيم ، فجئت وبحثت بحثا مستفيضا في التوراة والأناجيل عن اليتيم .. في التوراة وجدت أبو الأرامل واليتامي الله ثم جملة أخرى ، وفي الأناجيل لم أعثر على كلمة يتيم على الإطلاق ، أما في الإسلام فالتنويع والتكرار والتأكيد على اليتيم يعلمه القاصي والداني والصغير والكبير.
هل لنا أن نتعرف على الفرق بين مقارنة الأديان والحوار بين الأديان؟ وهل يستطيع الحوار بين الأديان أن يزيل التميز العقائدي لكل دين؟
أولا نقول إن مقارنة الأديان عمل علمي بحت ، أما الحوار بين الأديان فيغلب عليه النزعة السياسية والإعلامية ، وثانيا فإن موضوع الحوار بين الأديان قضية تلاك خصوصا في السنوات الأخيرة وتتزعمها الكنيسة الكاثوليكية ، ونحن كمسلمين نرحب تماما بالحوار ونستطيع أن نجري الحوار علنا في أكبر ميادين العالم إذا أرادوا لأننا متأكدون أننا سوف نظهر الحق . لكن الذي نعلمه من وثائق منشورة صدرت عن المجامع المسيحية خاصة مجمع الفاتيكان الثاني وغيره أن الحوار المقصود عندهم إنما هو استدراج للمسلمين بالذات لإدخال المفاهيم المسيحية في عقائدهم فوثائق مجمع الفاتيكان الثاني اجتمع في الفترة من 19621965 موجودة وتقول أن المطلوب هو حوار لتفهيم المسلمين ماذا تعني المسيحية؟ أي إدخال المسيحية بمفاهيم ومصطلحات جديدة لا تثير خوف المسلمين. فمثلاً يقولون عندما نتحدث عن [ابن الله] فيجب ألا نقول للمسلمين أن المقصود هو بنوة بين الأب والابن ولكن قولوا لهم إن المقصود هو تفاهم روحي ونبوة روحية ، وباختصار شديد فإن الحوار المطلوب إنما هو عملية خداع ، إننا نسمعهم يقولون لا نتحاور في العقائد ولكن نتحاور في المشترك الذي بيننا.. نعم نحن لدينا أمور مشتركة متعلقة بالأخلاق والسلوك واحترام الأنبياء ، لكن في عام 1988 وهو العام الذي خرجت فيه رواية سلمان رشدي الشيطانية كان هو العام الذي شهد عرض فيلم التجربة الأخيرة للمسيح وهذه الرواية كتبها كنزاكس اليوناني عام 1955 وحرمته الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وسافر إلى أمريكا ، وظلت الرواية راكدة حتى تحولت إلى فيلم في العام الذي ظهرت فيه رواية سلمان رشدي. إذاً هناك أيدي خفية ترتب للهجوم على محمد والمسيح.. ومعروف من تكون هذه الأيدي التي تريد تدمير الاثنين.. لكن القوم في الغرب في سكرة وعداؤهم الموروث للإسلام يعميهم عما حدث ويحدث للمسيح. إن بداية التجربة الأخيرة للمسيح أساءت للمسيح إساءة بالغة فجعلته خائنا وزانيا ويشك في نفسه ولا يدري ما هي رسالته ، وتصف الرواية المسيح بأنه كان يسير فوجد بيتا عليه علامة الدعارة فدخل وإذا بمريم المجدلية تمارس الدعارة فارتكب معها الخطيئة ثم تزوجها وأنجب منها.. الخ.
ما هي المسائل الخلافية الرئيسية بين اليهود والنصارى والمسلمين؟
اليهود ينكرون المسيح ومحمد ، والنصارى ينكرون نبوة محمد وبالتالي ينكرون كل ما جاء به ويعتبرونه زيفاً ، فاليهود يصلون حتى يأتيهم المسيح لينقذهم. فلما جاء هم المسيح لم يؤمنوا به فالقصة إذاً متكررة. إن المسيحيين يصلون ليأتي ملكوت الله.. وملكوت الله جاء وهو محمد الذي علم الناس الإسلام.
ففي آخر لقاء عاصف بين المسيح والجماعة الإسرائيلية أخذ المسيح كما هو واضح في الأناجيل يوبخهم ويقول لهم ويل لكم أيها الكتبة الفريسيون أيها المنافقون أنتم من الخارج كقبور مبيضة ومن الداخل عظام نخرة ودعارة.. أقول لكم ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره. هذه فقرة خطيرة ونبوءة بالإسلام. وما هو الملكوت الذي كان في بني إسرائيل؟ لم يكن فيهم ملك ولا سلطان.. إذا كان الملك كان في داود وسليمان فكان مؤقتا بفترة مقدارها عشرات السنين ثم ضربوا بعد ذلك.. وقضى الآشوريون على الأسباط العشرة منهم وضاعوا في إمبراطوريتهم وصاروا يعرفون في التاريخ اليهودي بالأسباط العشرة المفقودين ، ولم يبق منهم إلا السبطين الضعاف [يهودا وبنيامين]. ومنذ ذلك الوقت أي عام 586 قبل الميلاد صاروا يعرفون باسم اليهود بعد أن غلبت يهوذا بنيامين.
إذاً ملكوت الله الذي كان فيهم هو النبوة والرسالة التي نزعت منهم وجاء بها محمد إلى العرب.
وفي سفر التثنية وهو الكتاب الخامس والأخير من كتب سيدنا موسى الفصل 18 العبارة 18 يقول لهم أقيم لهم نبيا مثلك من بين إخوتهم فهذه بشارة من الله تعالى أنه سيقيم لبني إسرائيل نبيا مثل موسى من بين إخوتهم ولم يقل من وسطهم ، رغم أن إحدى التراجم الإنجليزية الحديثة حذفت من بين إخوتهم وقالت من وسطهم وهذا يوضح مدى التحريف الذي أصاب الكتب السابقة ، والأخوة هنا أبناء العمومة وهناك نصوص كثيرة في الكتاب المقدس تقول ذلك، وبمقارنة عامة بين موسى وعيس ومحمد نرى من الذي سيكون مثل موسى ، هل هو عيسى أم محمد؟
نجد أن كلا من موسى ومحمد ولد ولادة طبيعية بخلاف عيسى ، وكل منهما مات ميتة طبيعية أما عيسى فهو في عقيدتنا رفع ، ووفق عقيدتهم صلب ، وموسى ومحمد جاء كل واحد منهما بشريعة وطبقت في عهدهما والمسيح ليس له شريعة ولكنه حرص على توراة موسى وشريعتها ووضع تعاليم أخلاقية ، وموسى ومحمد قادا أتباعهما في الحرب وحاربا الوثنيين وقتلوهم وهدموا أصنامهم ، أما عيسى فلم يفعل ذلك ولم يكن محارباً ، وموسى ومحمد كلاهما تزوج وأنجب بنين وبنات أما المسيح فبزعمهم لم يتزوج ، إذا مثلك تنطبق على محمد ولا تنطبق على عيسى.
وهناك نبوءة أخرى في سفر أشعياء إصحاح 42 تنطبق تمام على سيدنا محمد وتقول هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم لا يكل ولا ينكسر حتى يصنع الحق للأرض.
وبزعمهم فإن رسالة المسيح لم تكمل العامين لكن سيدنا محمد استمر حتى اكتملت الشريعة وطبقها وحارب وانتصر وقضى على الوثنية. والنبوءة تشير إلى أنه سيكون من ولد إسماعيل لتبقى على البرية ومدنها الديار التي سكنها قيدار، وقيدار حسب التوراة أحد أبناء إسماعيل الاثنى عشر.
وحجة أخرى بالغة في الفصل الأول من إنجيل يوحنا أرسل اليهود والكهنة واللاويين ليسألوه لما ظهر يوحنا المعمدان سألوه إيلي أنت؟ قال لهم لا ، قالوا المسيح أنت؟ قال لهم لا، قالوا النبي أنت ؟ قال لا أنا صوت صارخ في البرية.. إذا فاليهود كانوا ينتظرون ثلاثة عندما جاء يحيى بن زكريا ، الأول يأتيهم في صورة إيليا والثاني يأتيهم المسيح والثالث يأتيهم النبي. والنبي جاءت في الإنجيل معرفة وليست نكرة ،والمسيحيون والمسلمون مجمعون أن يوحنا المعمدان أو يحيى بن زكريا جاء وأن المسيح هو الآخر جاء ولم يبق إلا النبي.
يقول البعض إن الإسلام دين ملئ بالمحرمات والقيود التي تكبل الإنسان.. فهل الإسلام مقارنة بالأديان الأخرى تنطبق عليه هذه المقولة؟
لقد كنت في فرنسا منذ فترة ووجدت كتابا بالفرنسية عنوانه يا إلهي لم كل هذه المحرمات كتبه عالم فرنسي وقارن فيه بين المحرمات في الأديان ، واستعان بجداول ورسوم توضيحية ، واثبت فيه أن اليهودية بها أكثر من 365 محرما ، والإسلام به 70 محرما فقط ، ولم يذكر الكتاب المحرمات في المسيحية لأن المسيحية ملتزمة أساسا بالشريعة اليهودية فالمسيح قال كل ما قالت لكم توراة موسى افعلوه ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون. فعلماء الغرب أنفسهم هم الذين كفونا مؤنة الرد على مثل هذه النوعية من الأسئلة.. فسبعين محرما في الإسلام تعتبر أقل من 1/5 المحرمات في اليهودية.. أبعد ذلك يأتي من يتحدث عن أن الإسلام به قيود كثيرة ومحرمات؟!
العداء قديم ومعروف بين اليهود والمسيحيين، فاليهود متهمون بقتل المسيح، لكن فجأة يصدر أحد المجامع المسيحية المقدسة مرسوما بتبرئة اليهود من دم المسيح، ما هي خلفيات هذا المرسوم؟ وهل فعلا انتهى العداء بين الاثنين؟
هذا العداء تقليدي وتأتي جذوره من الأناجيل حيث اتهم اليهود بمعاداة المسيح وصلبه فصارت هذه لعنة تطارد اليهود عبر التاريخ ولو تتبعنا ما فعله المسيحيون باليهود من وجهة النظر الدينية وبإذن السلطات الدينية المسئولة نجد الآتي:
في عام 537 أصدر جستيان مرسوما بحرمان اليهود من الحقوق المدنية وحرية العبادة . وفي عام 613 يجبر ملك القوط الغربيين اليهود في أسبانيا على اعتناق المسيحية. وفي عام 629 إجبار اليهود على التعميد وطردهم من فرنسا. وفي عام 694 تم تحويل جميع اليهود في أسبانيا وفلورانس إلى عبيد. وفي عام 1096 مذابح للطوائف اليهودية في أوروبا . وفي عام 1099 طرد اليهود المقيمين في أورشليم بعد سقوطها على يد الصليبيين. وفي عام 1113 أول مذبحة لليهود في كييف [روسيا].
وفي عام 1553 البابا يحرق التلمود في روما. وفي عام 1556 مذابح اليهود في أوكرانيا وألمانيا وبولندا والنمسا. وفي عام 1670 طرد اليهود من فيينا . وفي عام 1740 طرد اليهود من براغ. وفي عام 1827 القيصر نيقولا الأول يأمر بتحويل أطفال اليهود إجباريا إلى المسيحية.
وفي عام 1891 طرد اليهود من موسكو. وفي عام 1936 – 1940 سن تشريعات معاداة السامية في رومانيا وإيطاليا والنمسا. وفي عام 1939 – 1945 مذابح اليهود في الحرب العالمية الثانية.
هذا هو التاريخ الأسود للمسيحيين في أوروبا مع اليهود.. هؤلاء اليهود الذين لم يجدوا صدرا حنونا إلا في الإسلام ولم يحاربوا في صدر الإسلام إلا بعد أن خانوا ونقضوا العهد، وحتى أوروبا المسيحية لما أقامت لليهود وطنهم القومي في فلسطين إنما أرادت أن تتخلص منهم بعد الحرب العالمية الثانية ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ليكونوا مصدر قلاقل واضطرابات للعدو التقليدي وهو الإسلام والمسلمين.
أما تبرئة اليهود من دم المسيح فقد أحدثت هزة عقائدية وعارضها نصارى مصر وقالوا إن هذا خطأ لأن معناه أننا نعلم الناس الإنجيل خطأ على مدى ألفي سنة.
هناك الآن تحالف بين الصهيونية والأصولية الإنجيلية على أساس ضرورة قيام دولة إسرائيل قبل المجيء الثاني للمسيح ، فهل نستطيع أن نقول إن اليهود نجحوا في اختراق الكنيسة الإنجيلية وتطويعها لأفكارهم؟
نعم تم هذا بوسائل مختلفة، واستخدم اليهود في ذلك المال والجنس مع رجال الكنيسة، ولقد سمعنا مؤخرا فضيحة د. رمزي كبير الأساقفة السابق في إنجلترا الذي قالت سيدة عنه أنه كان يعاشرها وأنجب منها ولداً يبلغ الآن مرحلة الشباب ، وقد هاجمته الصحافة هناك بشدة ، فهذا يبين الخراب الداخلي ، فرجال الكنيسة حاولوا الخروج على الطبيعة التي أرادها الله فحرموا الزواج على أنفسهم وفرضوا التبتل والرهبنة وهذه أشياء مخالفة للناموس.
واليهود ضحكوا على رجال الكنيسة بكل ذلك بالإضافة إلى الرؤى والتفسيرات الخاطئة ، كما ضحكوا على كثير من الساسة ودفعوهم إلى الإيمان بالتفسيرات النبوئية الخاصة باليهود فيزعمون أنه لكي يعود المسيح فلا بد أن تقوم إسرائيل ، وهذا الكلام ليس له أساس في كتبهم ولكنها خرافات ، وحتى لو صحت فإنها تحتمل وجهين بل أكثر من ذلك.
ومن أمثلة هذه النبوءات ما قاله المسيح لتلاميذه اذهبوا وبشروا في مدن إسرائيل وحينما تذهبون قولوا اقترب ملكوت السماوات، والحق أقول لكم قبل أن تكملوا مدن إسرائيل يأتي ابن الإنسان.. لكن التلاميذ ذهبوا وأكملوا تبشيرهم في كل مدن إسرائيل ولم يأتي ابن الإنسان والمقصود به عندهم هو المسيح نفسه ، لأن علامات المجيء الثاني كما في الإنجيل أنه سيحدث زلزال كوني النجوم تسقط من السماء ، وقوة السماء تتزعزع ، وتبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير.
فهذه النبوءة باطلة ولم تحدث.. لأن التلاميذ ذهبوا وأكملوا وماتوا ولم يأت المسيح. ونبوءة أخرى قالها المسيح وهي أقول لكم من القيام قوم لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان قادماً في ملكوته. من القيام أي من الناس الموجودين أمامي، وطبعا ذهب المسيح ومات كل الذين كانوا أمامه وذريتهم ولم يروا ابن الإنسان، فهذه نبوءة أخرى باطلة. ونبوءة ثالثة تقول إنه بينما كان المسيح على جبل الزيتون ومعه بطرس والتلاميذ سألوه قائلين يا معلم قل لنا متى يحدث هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر قال لهم.. الشمس تظلم والقمر لا يعطي ضوءه وقوة السماء تتزعزع والنجوم تقسط من السماء وتبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير ، أقول لكم قبل أن يمضي هذا الجيل يكون هذا كله وطبعا الجيل انقضى وانقضت بعده أجيال كثيرة ولم يحدث شئ من هذا كله.
أما الإشارات العلمية في القرآن لكريم فخالية من كل هذا الاضطراب، وفي هذا يقول بوريس بوكاي لو كان محمد قد اقتبس القرآن من الأسفار السابقة فلماذا خلا القرآن من الأخطاء العلمية التي لا تزال موجودة حتى الآن في كتبنا؟