(إن الله لا يهدي القوم الظالمين )
وقال تعالى
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا[النساء:27]
فهدايته تعالى التي هي التوفيق للإيمان والعمل الصالح لا ينالها كل أحد
وإنما تدرك من كان أهلا لها فإن الله تعالى حكيم عليم
يضع الأمور في نصابها وينزل في كل منزلة أهلها
وقد نص القرآن في مواضع على أن الله تعالى أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه
ومن لا تليق به فيغويه
قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص: 56}
فقد خاطب الله تعالى الظالمين و الفاسقين أن لا تعجبوا من عدم هدايتكم فإن الله تعالى أضلكم بظلمكم
ولا طريق لهداية من أضل الله لأنه ليس أحد معارضا لله أو منازعا له في ملكه.
انصرفوا عن الحق بقصدهم فعقوبة لهم على زيغهم الذي اختاروه لأنفسهم ورضوه لها
ولم يوفقهم الله للهدى
لأنهم لا يليق بهم الخير
ولا يصلحون إلا للشر، { والله لا يهدي القوم الفاسقين } أي: الذين لم يزل الفسق وصفا لهم
ليس لهم قصد في الهدى، وهذه الآية الكريمة تفيد أن إضلال الله لعباده ليس ظلما منه، ولا حجة لهم عليه، وإنما ذلك بسبب منهم، فإنهم الذين أغلقوا على أنفسهم باب الهدى
بعد ما عرفوه، فيجازيهم بعد ذلك بالإضلال والزيغ الذي لا حيلة لهم في دفعه
وتقليب القلوب عقوبة لهم وعدلا منه بهم، كما قال تعالى: { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون }.
إن الله تعالى لا يُدخل الناس الجنة أو النار أو يحب أو يبغض أحد من عباده ، لمجرد أنه يعلم أنهم يستحقون ذلك بل يُدخلهم الجنة والنار و يحبهم أو يغبضهم بأعمالهم التي قاموا بها
ألم يقرأ طارح الشبهة كتابه !!!!!
ومنه قول بولس: " لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب ، لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق، بل سروا بالإثم " (تسالونيكي (2) 2/10-12).
"النبي إذا ضل وتكلم بكلام ، فأنا الرب أضللت ذلك النبي" (حزقيال 14/9)؟! ([3])
وفي العهد الجديد يذكر بولس أن الله يقسي قلوب من أراد ضلالهم: "هو يرحم من يشاء، ويقسـي من يشاء" (رومية 9/18)
وبعيداً عن التعليل القرآني أن الله تعالى يظلم أهل الشر من عباده نتيجه عملهم واختيارهم
فإن بولس لا يجعل الهداية والإضلال بسبب اختيار البشـر ونتيجة أفعالهم، بل يسنده وما يستتبعه من العذاب إلى حق الله المطلق في فعل ما يشاء
فيقول: "فتقول لي: لماذا يلوم بعد؟ لأن من يقاوم مشيئته! بل من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله؟ ألعل الجبْلة تقول لجابلها: لماذا صنعتني هكذا؟ أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة، وآخر للهوان" (رومية 9/18-21)
فالإضلال حسب النص الإنجيلي لا يتعلق إلا بالمشيئة الإلهية، وليس بسبب ظلم العباد وضلالهم وطغيانهم.
فالحمد لله على نعمة الاسلام و كفى بها نعمة